الاثنين، 28 سبتمبر 2009

العبقرية.. هل هي نوع من الجنون ! ؟

العبقرية.. هل هي نوع من الجنون ! ؟



لاشك بأن معظم العباقرة كانوا غريبي الأطوار لدرجة الاعتقاد بوجود علاقة بين الجنون والعبقرية.. ويرى بعض الأطباء أن العبقرية نفسها نوع من الجنون الفريد لأنها تحمل نوعاً مختلفاً من التفكير والتصور.. بل إن هناك من افترض أن "العقد النفسية" ضرورة للإبداع والتفوق - وبدونها يصبح العبقري سوياً مثل بقية الناس.
والطريف أن كثيراً من العباقرة أنفسهم يعترفون بهذه الحقيقة، فهاهو الفيلسوف بيرن يقول "نحن أصحاب الصنعة كلنا مجانين". ويقول الأديب دريدن "المفكرون العظام يتراقصون على حبل مشدود بين الجنون والعقل". أما أفلاطون فطالما نصح سكان أثينا بعدم تقليده في أي تصرف يقدم عليه.. وقبل فترة بسيطة قدم أحد الأطباء الانجليز دلائل على إصابة انشتاين بعلامات التوحد النفسي. وقال إن مظاهر التوحد البسيط توجد لدى معظم العباقرة - ويظهر ذلك من خلال عجزهم عن مخالطة الجماهير وعدم قدرتهم على الخوض في أي حديث يخرج عن تخصصهم - !!

على أي حال رغم الاختلافات الكثيرة بين العباقرة إلا أن علماء النفس يعتقدون بأن "الانطواء" الجزئي ظاهرة مشتركة بينهم. فالانطوائي إنسان عاجز عن التأقلم مع مجتمعه فيحاول صنع (وإبداع) علم خاص به. والانطواء في هذه الحالة (إن لم يتجاوز حداً معيناً) يعتبر صفة حميدة تتيح للعبقري الوحدة والاستقلالية وفرصة التأمل.

وفي الحقيقة لو رجعنا لسير العباقرة والمشهورين لوجدنا في حياتهم تصرفات هي أقرب للجنون منها للعقل:

- فهناك مثلاً الرسام الهولندي فان جوخ الذي كان يصاب بنوبات جنون حقيقية حاول في إحداها قتل زميله الفنان بول غوهان. وحين تعلق بفتاة جميلة قطع أذنه وقدمها إليها كهدية، ثم مات في النهاية منتحراً بالرصاص.

- أما نيتشه الفيلسوف الألماني فكان منطوياً على نفسه، يتحدث مع حصانه، يحتقر النساء، قضى آخر (12) سنة من عمره في مستشفى المجانين.

- وأنشتاين أحد أعظم علماء الفيزياء في العصر الحديث كان عاجزاً عن فهم أصول الاتيكيت والعلاقات الاجتماعية، فكثيراً ما كان يرتدي ملابس قديمة تحتاج إلى كي في مناسبات راقية. وكان يظهر دائماً بجراح صغيرة على ذقنه بسبب استعمال صابون البانيو للحلاقة.. فهذا الرجل الذي عقد أفكار الناس يعتقد أن استعمال نوعين من الصابون يجعل الدنيا معقدة.

- أما تشارلز ديكنز (أشهر القصصيين الانجليز) فكان يخرج من منزله ليلاً ويسير بلا هدى لمسافات تصل لخمسة أميال في الليلة الواحدة.. والأغرب من هذا أنه كان يدخل على زملائه من نوافذ منازلهم بحجة مفاجأتهم.

- وكان فولتير لا يبدأ الكتابة إلا عند وضع اثني عشر قلم رصاص أمامه، وبعد أن ينتهي من الكتابة يكسر هذه الأقلام ثم يلفها بالورق ويضعها تحت وسادته حين ينام (.. ومن يدري عن الدافع!!؟).

- أما نابليون فكان لا يشرع في رسم معاركه الحربية إلا وهو يمص أقراص السوس ويضع يده اليسرى على قلبه.. أما خطه فكان رديئاً جداً لدرجة أن رسائله كثيراً ما ظنت رسوماً عسكرية!!

بقي أن أشير إلى أن لهذه الظاهرة وجهاً آخر لا يجب إغفاله أو تناسيه، فغالباً ما نرغب نحن (عامة الناس) في وضع العباقرة في نمط وقالب معين يوافق افكارنا عنهم. وهذا ما يدفعنا لانتقاء الغريب والشاذ من حياتهم (فقط) ثم نعممه كقاعدة عامة عليهم.

أضف لهذا أن الإبداع نفسه ظاهرة غريبة وطارئة على المجتمع، وحين يسمع به الناس لأول مرة يرفضونه تلقائية ويرتابون في صاحبه حتى يلمسوا فائدته الحقيقية.. (وهذا يعني أنهم ينعتون المبدع تلقائياً بالجنون - قبل تطبيق الفكرة - وبالعبقرية بعد أن تثبت صلاحيتها
)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق